RSS
أسماء فتحي أنسانة مصرية لا أحلم سوى بالمتاح والممكن أعشق الكتابة فأغرق فيها حد الذوبان فلا أدري أيهما كان أولا أنا أم كتاباتي

أحـــــــــــــــــلا م هـــــــــــــاربة




كانت هدى طفلة صغيرة تحمل ذلك القلب البريء الذى لم 
تعبث به بعد يد
الحياة تملك الكثير من الحب والأمل . . . يتخلل جسدها 
الصغير النشاط والحيوية تحمل بحقيبتها الكثير والكثير من 
الأحلام ليس لها فقط بل بما تحلم به ل
لأصدقائها ولقريتها 
الصغيرة بل تخطى حلمها القرية الى ان شمل وطنها بأكمله 
فهي صغيرة السن حقا الا أن أحلامها وأمالها ليس له حدود 
وما أخذت هدى تنمو . . . وتكبر سنة تلو الآخرى حتى 
إكتشفت  أن أحلامها تسربت من حقيبتها فقد فرغت 
الحقيبة تماما فمع كل يوم يمضى يسقط أحد أحلامها 
ويصطدم بالواقع لتسحقه صخرة الحياة وتجعله رماد تتطايره 
الرياح وتبعثره حتى تسريت أحلامها وتبددت أمالها ولم يعد يملآ 
ذلك الحب قلبها بل أخذ مكانه السخط والنقمة على الحياة 



أخذت تسأل نفسها هل الحياة فى ذاتها نوع من العقاب ؟! 
رجعت بذاكرتها قليلا تسترجع وتسرد تلك الأحلام التي كانت 
يوما تمتلكها . . . فأول حلم سقط منها كان أفضل أحلامها 
وأقساهم سقوطا ألا وهو والدها والذى توفى فى ذلك العام 
حيث كان عامها الأول فى المدرسة والتي حلم لها وحلمت 
معه بأن يراها طبيبة تساعد فقراء قريتها ولا تمص دمائهم 
فى أجرها وعلاجها كما يفعل معظم الأطباء الآن والذين لا 
يشغلهم حالة المريض المادية وكان أول حلم سقط تبعه 
باقي الأحلام فى الهروب والسقوط من حقيبتها ليأتي سفر 
والدتها الى أهلها فى المنيا وزواجها من قريب لها بعد إنتهاء 
عدتها لتتركها مع جدتها لأبيها وحضانة أعمامها ومرت السنون 



وهدى مازالت تستشعر ألـــــــم فراق والدها وهجر والدتها 
حتى جاء ذلك اليوم الذى توفت فيه جدتها وهى فى الصف 
الثالث الإعدادي لتبدأ مرحلة جديدة من المعاناة وسقوط ما 
بقى من أحلامها عندما تصارع أعمامها على حضانتها ليس 
حبا لها ولكن لأنها مازالت قاصرا تحت يدها نصيب أبيها من 
المنزل الريفي البسيط ومعاش والدها وبعد الكثير من 
المشاحنات تولى الوصاية أحدهم والذى أخذ يتحكم فيها 
فهو غير متزوج فكانت هدى بمثابة عاملة عنده بلقمتها 
وإيوائها وأخذت هدى تحاول أن تقهر ظروفها لتنقذ ما بقى لها 
من أحلام

إلا أن الحياة أبت أن تحقق لها شيء فما أن دخلت 
هدى المرحلة الثانوية حتى ظهرت عليها علامات الأنوثة 
وأخذ الخطاب يتركون باب عمها طلبا ليدها فكان هناك من 
يرفضه عمها لانه لا يعجبه وهناك من تستطيع هدى طرده 
دون علم عمها ليتسنى لها إنقاذ حلمها الأخير فى أن تكمل 
تعليمها وتصبح طبيبة


الا ان القدر كان مخبأ لها شيئا أخر فقد 
تقدم لها صديق عمها والذى يحبه عمها ويفضله وعندما لجئت 
هدى الى عمها الآخر لينقذ حطام أحلامها وجدت عنده حل 
أقسى . . . فقد تقدم أخ زوجته لخطبتها وهو مطلق ولديه 
أولاد وعمها منحاز له نزولا لرغبة زوجته وهكذا كان على 
هدى أن تختار بين أمرين أحلاهما مر مابين عريس عمها الوصي  الذي 
يحبها كثيرا ووعدها بان يدعها تكمل دراستها عنده وبين الآخر 
المطلق والذى هالها مجرد تفكيره فى خطبتها وبعد الكثير من حالات 
الرفض والإكتئاب والمشاحنات ومحاولات إقناعها وإنقسام 
أعمامها الى مؤيد ومعارض لهذا وذاك خضعت هدى لوصاية 
عمها وتزوجت من أحمد صديق عمها وكانت تشعر بداخلها 
أنها بهذه الزيجة تكون قد هرب حلمها الاخير من قبضتها ولم 
يبقى فى الحقيبة سوى الهواء وذكرى أحلام
فبعد الزواج لم 

تأخذ سوى الثانوية حتى حملت فى طفلتها الاولى لتترك 
التعليم برمته وتتفرغ لتربية طفلتها التي قررت أن تطلق 
عليها أسم أحلام . . . وبعد لحظات تنهدت هدى عندما إنتبهت 
لصوت إبنتها وهى تناديها (ماما انا هربت من يوسف ابن 
عمى كان عايز ييجى معايا وطنط دخلت بيه الاوضه علشان 
تخبيه وانا هربت وجيت ) إبتسمت هدى وحضنت أحلامها 

الهاربة .

0 التعليقات: